الجامعات في تشاد: إنشاء بدون موارد… تحدٍ لمستقبل التعليم العالي

وقّع رئيس الجمهورية في 17 يوليو 2025 مراسيم تقضي بإنشاء ثلاث جامعات عامة جديدة في بول وفايا وبونغور، إضافة إلى معهد وطني عالٍ للعلوم والتقنيات الصحية في ماسوكوري. لكن هذه المبادرة، رغم رمزيتها كخطوة نحو تطوير التعليم العالي، تثير تساؤلات جدية: كيف ستُدار هذه المؤسسات الجديدة في بلد تعاني جامعاته القديمة أصلاً من ضعف الإمكانيات؟

من حيث المبدأ، يُعدّ إنشاء جامعات جديدة خطوة إيجابية نحو توسيع فرص التعليم العالي. لكن في ظل غياب الموارد المالية والمادية والبشرية الكافية، قد تتحول هذه الجامعات إلى مجرد هياكل رمزية، أو حتى عبء إضافي على الدولة.

تجارب سابقة تثبت ذلك، إذ تعاني جامعات مثل دوبا وبالا وساره التي أنشئت منذ سنوات، من نقص حاد في البنية التحتية، وغياب المعدات التعليمية الأساسية، وافتقار إلى تجهيزات لوجستية كافية. ما يكشف عن أزمة عميقة تتجاوز مسألة التوسع الجغرافي لتطال جوهر النظام الجامعي نفسه.

بالطبع، ينبغي تقدير الكفاءات الأكاديمية والطبية في البلاد، لكن حتى أفضل الأساتذة لا يستطيعون تقديم تعليم جيد دون الحد الأدنى من الوسائل. لذلك، يجب أن ترتكز أي سياسة تعليمية جامعية على ثلاثة ركائز أساسية: التكوين، التأطير، والتجهيز.

ويرى مراقبون أن بعض هذه المبادرات قد تكون مدفوعة باعتبارات سياسية أو سعيًا إلى تحقيق مكاسب معنوية، على غرار دول غنية، دون أن تراعي واقع البلاد وإمكاناتها المحدودة. في حين أن المهمة الأساسية لوزارة التعليم العالي ينبغي أن تظل تحقيق توازن وانسجام في عمل النظام الجامعي ككل، بدلاً من تشتيت الجهود.

إن إنشاء جامعات دون توفير الموارد اللازمة لها يُعدّ تناقضًا خطيرًا. وحتى تتمكن هذه المؤسسات من الاضطلاع بدورها في التكوين والبحث والإشعاع العلمي، لا بد من إرادة سياسية واضحة، وتمويل مستدام، وإدارة رشيدة. فمستقبل البلاد مرهون بجامعات قوية، متجذرة، ومجهزة جيدًا.

About The Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *